يشكّل انهيار الليرة أكبر تهديد لاستقرار لبنان السياسي والاقتصادي منذ عام 1975 تاريخ اندلاع الحرب الأهلية، حيث يمرّ البلاد اليوم بمرحلة كساد اقتصادي غير مسبوق. وبدأ هبوط الليرة المدمّر أمام الدولار مع تشكيل حكومة حسان دياب التي لم تتمتّع برضا دولي ولم تحظ بتوافق لبناني داخلي. الحكومة المستقيلة تعرّضت لمواجهات دولية وتعثرات داخلية، وتحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية انتهت باستقالتها إثر نفجار بيروت. خلال أداء الحكومة انخفضت السيولة النقدية بالدولار حتى انعدمت في المصارف، وترافق ذلك مع جائحة كورونا وما نتج عنها من إقفال للبلاد، ليأتي سماسرة الدولار وتجّار الهيكل اللصوص كي يقضوا على ما تبقى من القيمة الشرائية للمواطن اللبناني المنكوب.
جباعي: ملفات عالقة على الحكومة معالجتها
وفيما ينتظر اللبنانيون الدعم الدولي وانفراجات متوقعة من صندوق النقد الدولي، لتحسين سعر صرف الليرة أمام الدولار، والتخلّص من جشع التجار المتروكين دون هيئة رقابة ولا ضبط وزاري، يرى المحللّ والباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور محمود جباعي أنّ أجواء تفاؤلية تلوح في الأفق بعد أنّ حذّرنا بنفسه من “أيلول أسود” في حال لم تتشكّل الحكومة.
وبعد أن يتم تشكيل الحكومة العتيدة، التي تحظى بتوافق لبناني شبه كامل، ودعم دولي، يطرع المحلّل جباعي في اتصال مع “أحوال” عدّة خطوات مطلوبة لإنقاذ البلاد، لافتاً إلى دور الحكومة الضروري لتوجيه البلاد نحو مرحلة إعادة النمو، والسعي نحو مؤشرات اقتصادية أفضل عبر معالجة الملفات التالية:
- التدقيق الجنائي ومحاربة الفساد.
- العمل على ملف التدقيق المالي خلال مهلة حدّدها الرئيس الفرنسي ( 3 شهور)
- دراسة مالية لمصرف لبنان: خسارته/ موجوداته/ خروج الأموال/ كيفية إعادتها.
- معرفة أين ذهبت أموال المودعين وإعادتها إلى أصحابها. (إعادة 30 بالمئة منها بحسب بيان مصرف لبنان)
- إنهاء الهيركت على ودائع الناس
- الإستفادة من مشروع قطع الحساب، الذي كشف عن 27 مليار دولار غير معروفة جهتها.
إعادة الثقة بالاقتصاد الوطني:
- إعادة الثقة بالقطاع المصرفي. ( إعادة لو جزء من أموال الناس)
- وضع آليات للاستفادة من أموال صندوق النقد الدولي.
- الإنطلاق بالخطوة الثانية لرفع سعر الليرة أمام الدولار.
خطوات جدّية لتصحيح مسار الثقة بالاقتصاد.
- رفع الأجور حتى تلامس سعر صرف الليرة على 3900 أمام للدولار.
- ارتفاع الأجور بنسبة 50 بالمئة أو أن تقوم الحكومة بتأمين بطاقات دفع الكترونية لكل عائلة لبنانية بالدولار بحسب السعر الرسمي 1515، كي يتمكّن المواطن من استخدامها في عملية البيع والشراء في السوق، وذلك تفادياً للتضخم المالي.
تحسين القدرة الشرائية عبر:
- تخفيض أسعار المنتجات نحو الـ 60 بالمئة.
- رفع سعر الليرة أمام الدولار بنسبة 50 بالمئة. ( أن يكون سعر الدولار لا يزيد عن 4000 ليرة. )
إصلاح ملف الكهرباء ومعالجة الهدر الحاصل من خلال:
- التعاقد مع شركات وإجراء مناقصات، والنظر بعروض جدّية كعرض شركة سيمنز الألمانية، ( بكلفة مليار وستمية مليون/ 800 مليون دولار تُدفع مرّة واحدة).
- الإتجاه للخصخصة بهدف تحسين التغذية الكهربائية: على طريقة BOT / تحويل الملكيات العامة إلى خاصة بعقد ضمن فترة زمنية محددة. (عملية BOT تحرّك عجلة الدورة الاقتصادية وترقع إيرادات الدولة وتخفّض النفقات على الدولة.)
_ الإنتقال إلى إعادة الإعمار.
_ تقوية قطاعي الزراعة والصناعة من خلال خطط خمسية للزراعة وخطط عشرية للصناعة.
بالمقابل، أشار الباحث إلى مصالح فرنسية في لبنان سيّما لناحية إعادة إعمار مرفأ بيروت، وبلوك رقم 4 والغاز والنفط، لافتاً إلى أنّ شركة توتال الفرنسية ستدير النفط في لبنان، وقال: “أحد أسباب زيارات ماركون إلى لبنان هي لحلّ هذه الأمور. ”
وعن ما يُثار من تخوّف لبناني من سيطرة فرنسية محتملة على المرفأ لفترة الـ 25 عاماً القادمين، نفى جباعي أن يكون هناك من أدلة توثّق هذا الكلام، مؤكداً أنّ لبنان لن يدفع أيّ فاتورة اقتصادية، بل سيستفيد من التقارب الاقتصادي الفرنسي والعمل بإطار شركات أوروبية، “حيث هذا من شأنه ضخّ الأموال على البلاد”. ولفت الباحث إلى توقّع محتمل لتسويات وتنازلات قد تحصل بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين.
لطيفة الحسنية